- قوات الاحتلال تدفع بتعزيزات عسكرية تجاه مدينة قلقيلية من المدخل الشرقي
جورج فلويد الذي أصبح مشهورا بعد مقتله بطريقة عنصرية، ليس مارتن لوثر كينج، فهو مواطن أمريكي عادي وربما كان فقيرًا، فالأغنياء والمشاهير في بلاد الكاوبوي لا يقتلون في الغالب إلا من قبل نظرائهم الأغنياء، وعلى خلفية الصراع على المال.
في أمريكا لا يكاد يمر يوم إلا وتقع حوادث قتل، ولكن القتل هذه المرة من نوع خطير، الذي يتصل بثقافة وتركيبة مجتمع بأكمله وسياسات عامة، لكونه كشف عن فيروس أخطر من كورونا وهو فيروس العنصرية. هذا الفيروس أيقظ عوامل قديمة نائمة تعود إلى ما قبل إبراهام لينكولن، ولم تنجح الرأسمالية المتوحشة في أن تقبره وتحقق الاندماج الكامل والحقيقي للطيف الواسع من المواطنين من أصحاب الجنسيات السابقة وذوي البشرات المتنوعة والمختلفة. شعور عارم من الغضب عم مختلف الولايات، لا يتوقف على ذوي البشرة السوداء أو الفقراء فقط، وإن كان هؤلاء يشكلون الأغلبية، فمجتمع البيض منقسم بين من تغلي صدورهم بالحقد والكراهية على ذوي البشرة السوداء وبين من يمقتون هذه الثقافة وما ينجم عنها من سلوكيات.
المشكلة أن ردود فعل الإدارة الأمريكية وعنوانها الرئيس ترامب، وسلكوها في مواجهة جريمة القتل العنصرية، قد صبت الزيت على النار المشتعلة. ترامب يهدد بإنزال الجيش لمواجهة المحتجين ويصفهم باللصوص، ولولا معارضة وزير الدفاع وعدد من حكام الولايات والمسؤولين الكبار لكان قد ارتكب مجزرة واسعة ودفع الأمور إلى مستويات من الصدام خطيرة. القاتل تم إطلاق سراحه بكفالة مالية مقدارها مليون وربع المليون دولار، فمن أين لشرطي أن يملك هذا المال؟.. لكن الأرجح أن هناك عشرات وربما أكثر ممن يملكون المال ويتبنون ثقافته العنصرية مستعدون لتقديم الدعم اللازم له. أمريكا الدولة التي تتعرض لكراهية واسعة على مستوى شعوب الأرض، مصابة بجملة من الأعاصير الخطيرة، فعدا عن كورونا وما تخلفه من آثار اقتصادية واجتماعية ثمة أعاصير طبيعية تضرب البلاد بين الحين والآخر، وثمة الإعصار الاجتماعي المرتبط بالعنصرية، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأمريكي من الركود كما صرح بذلك عدد من المسؤولين الأمريكيين. الإمبراطورية الأمريكية تتعرض لزلزال من الخارج بسبب سياسات الإدارة المعادية لكل الشعوب والدول ما عدا إسرائيل وسياساتها الداخلية كما يفيد المشهد الراهن.
في الدولة الأعظم حتى الآن التي يتجاوز ناتجها القومي السنوي العشرين ترليون دولار، ومنها أول تريليونير على وجه الأرض، وهو صاحب شركة أمازون، ثمة ملايين من العاطلين عن العمل وملايين أكثر من الفقراء، ولذلك فإنها أكثر الدول التي تنتشر فيها الجريمة. هياج الثور في مواجهة صاحب الرداء الأحمر يجعل ترامب وإدارته يتخبطون في البحث عن طريقة لوقف التقدم المتسارع للصين نحو منافسة الولايات المتحدة على مراكز القوة. الصين ليست إيران حتى يذهب ترامب إلى أبعد مدى في اتخاذ المزيد من العقوبات المؤثرة عليها، فلا يجد سوى أن يقرر منع الطيران الصيني من الهبوط في المطارات الأمريكية، بعد أن انسحبت أمريكا من منظمة الصحة العالمية بذريعة تواطؤها مع الصين. لا بأس بالنسبة لترامب أن تؤدي سياساته إلى إغضاب إيطاليا أو أيا من الدول الأوروبية، الحليف التاريخي للولايات المتحدة، طالما أن هذه السياسة تقوم على مبدأ أمريكا الأعظم أولا، غير أن السلوك السياسي يشير إلى أن أمريكا أولا وأخيرا. يلفت النظر في ظل هذه العواصف، التي تضرب الحليف الأول وربما العاشر لإسرائيل. إن الحركة الصهيونية التي تقرأ جيدًا وبعمق مآلات الأحداث، قد بدأت بالتدريج وبدون التضحية بعلاقاتها مع أمريكا، بتطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الصين. هذا التوجه الإسرائيلي الواضح أزعج الولايات المتحدة إلى الحد الذي جعل وزير الخارجية بومبيو يطالب الحكومة الإسرائيلية بوقف هذا التوجه.
هذه هي الحركة الصهيونية، ركبت الحصان البريطاني حين كان الأقوى ثم استبدلته بالحصان الأمريكي، وهي مستعدة لركوب الحصان الأقوى. هل يمكن للعرب أن يستفيدوا من هذا الدرس البليغ فيمتنعوا عن وضع بيضهم كله في السلة الأمريكية وأن يحتفظوا بأموالهم وثرواتهم؟.. أم أنهم سيواصلون الركض وراء حليف متهالك لا يترك لهم قرشًا أبيض ليوم أسود؟!.